م هاني عمر
من المعروف أن صناعة الإنشاءات هي احدى الدعامات الرئيسة لتنمية اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
في عام 2014 بالمملكة المتحدة تم توظيف مليونين ومائة ألف عامل في مجال الإنشاءات ليشارك هذا القطاع بما قيمته 103 مليار جنيه استرليني) 129 مليار دولار( في الدخل القومي. وعليه فإن أي تحسين أو تطوير في مجال الإنشاءات ينعكس بالإيجاب ليس فقط على الحكومات بل وعلى الأفراد كذلك) office National Statistics 2015( ولكن لعقود كثيرة ورث قطاع الإنشاءات كثير من التحديات والمشكلات التي طالما أعاقت عمليات التطوير .
إن من أهم عوامل نجاح أي مشروع هي الإدارة الناجحة للمشروع. وأهم المعايير الحاكمة للإدارة الناجحة هو إتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب وعليه يتوجب أن تكون المعلومات صحيحة ودقيقة وإلا كانت القرارات خاطئة فتقود المشروع للفشل.
للحصول على المعلومات لمعرفة مدى تقدم الأعمال أثناء مرحلة التنفيذ فإن الغالبية العظمى من مديري المشاريع يتبعون النظام التقليدي والذي يعتمد في الأساس علي العنصر البشري. حيث يقوم مهندسو و مساحو الموقع بتدوين ملاحظاتهم علي حركة سير وتقدم الأعمال يدويا باستخدام الدفتر الورقي والقلم وذلك بغرض عمل تقرير شهري أو أسبوعي والذي علي أساسه يتم التعرف على حالة تقدم الأعمال والتي بالتبعية تتطلب قرارات هامة وحاسمة لمواكبة تطور الأعمال مع البرنامج التنفيذي المعد سلفا. ووجد أن هذه العملية تتطلب كثيرا من الوقت والعمالة والجهد وبالاخير لا تصل إلى الدقة المطلوبة في معظم الأحيان. فعلى سبيل المثال في أحد المشاريع الحيوية والتي اتبعت النظام اليدوي السابق شرحه للحصول على معلومات تطور الاعمال. فقد جاء التقرير لمدير المشروع بأن نسبة تقدم الأعمال هي %30 وكان المستهدف هو %55 ولكن كانت نسبة تقدم الأعمال الحقيقية هي %60 وعليه فقد أتخذ مدير المشروع قرارات فورية بإعادة ترتيب توزيع العمالة والمعدات والمواد لتغطية التأخير ظنا منه أن نسبة التقدم هي %30 كما جاء في التقرير والتي تعبر عن تأخير %25 في حين أن الموقف الحقيقي للمشروع هو %55 بنسبة تقدم %5 عن الجدول الزمني. وعليه فإن قرارات مدير المشروع أدت إلى أعباء مادية وخسارة الوقت الذي ادى بدوره إلى تأخر فعلي للمشروع والذي لم يستفد بنسبة التقدم الذي حققه المشروع وذلك كله بسبب التقرير الذي يحوي معلومات غير صحيحة. هذا بالإضافة إلى فقدان ثقة العميل في دقة التقارير. .
بعد دراسة متأنية وجد الباحثون بأن نظام المتابعة اليدوي لتحديث موقف تطور الأعمال يحتوى علي كثير من التحديات والمشكلات منها على سبيل المثال: أن دقة المعلومات المجمعة من الموقع تعتمد على خبرة ودقة من يجمعها بالإضافة إلى الحاجة لوقت الكافي لجمع هذه المعلومات والذي يمتد في معظم الأحيان إلى عدة أيام بل وأسابيع في المشاريع الكبيرة ،بالإضافة إلى تداخل أكثر من فريق عمل لإنجاز التقرير. حيث أن المعلومات المجمعة من الموقع يتم تمريرها لفريق آخر في مكتب الموقع ليقوم الأخير بإدخال هذه البيانات لمعرفة نسبة تقدم الأعمال. وعليه فإن إلمام الفريق الأخير بالموقع وعمليات التنفيذ وقدرته على تفسير البيانات المدونة يدويا عامل هام لتحديد دقة التقرير.قد يتطلب إعداد التقرير فترة زمنية طويلة مما قد يعكس تقدم الأعمال لفترة زمنية سابقة. وعليه فإن أحد أهم التحديات لإعداد تقارير تطور الأعمال بأن التقارير تعد لفترة زمنية سابقة واتخاذ القرارات بعد هذه المدة من الزمن في غالب الأحوال لا يجدي نفعا. ولهذا فإن الحاجة إلى إصدار تقرير لا تتطلب أكثر من يوم واحد كانت حاجة ضرورية وملحة لتطوير مجال الإنشاءات.
وعليه فكان الشغل الشاغل للباحثين والحكومات هو إيجاد حلول ناجحة لهذه المعضلة ولم تتوقف محاولات التطوير من ستينيات القرن الماضي. إلا أن كل الحلول كانت ناقصة ولم تفي بالغرض. حتى ظهر البيم وتطور بهذا الشكل المذهل في العقدين الأخيرين مما دفع بالباحثين للبحث عن حلول من خلال منظومة البيم.
ففي عام 2009 قام فريديرك بوشية Bosche بتطوير نظام مراقبة وتحديث لحركة سير الأعمال في مجال الإنشاءات بشكل أتوماتيكي. حيث أنه طور لوغاريتم يقوم بالأساس علي عمل مسح ليزر Laser Scanning للموقع لعمل نموذج ثلاثي الأبعاد بنظام السحابة 3D point cloud model . ثم مقارنة هذا النموذج الأخير بنموذج البيم رباعي الابعاد 4D BIM model وهذا بهدف الحصول على التحديث للموقع بشكل تلقائي وتقليل التدخل البشري في أضيق الحدود لتقليل فرص حدوث الخطأ البشري على نتائج التقرير.
ولم تقف مجهودات الباحثين عند هذا الحد. فقد طوروا منظومات أكثر سهولة وأقل تكلفة. حيث قام ديمتروف وفارد Dimitrov and Golparvar-fard في عام 2014 بتطوير لوغاريتم بمقدوره التعرف علي المواد ليقوم بدوره ببناءنموذج ثلاثي الأبعاد مشابه لنموذج البيم وذلك من خلال التعرف علي الصور المأخوذة من الموقع. ثم بعد ذلك يقوم النظام المطور بعمل مقارنة مع النموذج رباعي الابعاد للبيم وذلك بغرض التعرف علي موقف الاعمال. وتراوحت دقة هذا النظام بين %92.1 للخرسانة المسلحة و %92.3 للأعمال الترابية ودمك التربة و %100 لأعمال النجارة والزجاج والرخام .وقد تم حساب الدقة المتوسطة لهذا النظام الاتوماتيكي لتصل إلى %97.1 وهي نسبة مرضية جدا مقارنة بالنظام اليدوي التقليدي. وما زال الباحثون مستمرون في عملية البحث والتطوير للوصول إلي أقصي استفادة من التكنولوجيا الحديثة .
References
Dimitrov, M., Golparvar-Fard. (2014). Vision-based material recognition for automated monitoring of construction progress and generating building information modelling from unordered site image collec-
.tions, Journal of Advanced Engineering and Information, 28 (1), pp. 37–49 Kim, Y., Oh, W., Cho, K and Seo, W. (2008). A PDA and wireless web-integrated system for quality inspection and defect management of apartment housing projects. Automation in construction, 17(2),
.pp. 163-179 Office of National Statistics. (2015). 20102010https://www.ons.gov.uk/employmentandlabourmarket/ peopleinwork/employmentandemployeetypes/bulletins/uklabourmarket/latest [Accessed in 28 Novem-
.[ber 2016 Omar, H., Dulaimi, M. (2015). Using BIM to automate construction site activities, Proceeding of confer ence Building Information Modeling (BIM) in design, construction and operations, Bristol, UK. 139, pp.
<
p style=”margin-left: 9pt”>.[45-58 [Accessed in 28 November 2016