العمارة هي بيت العلوم والفنون على مر العصور والعمارة هي السجل الموثّق لتاريخ الإنسان منذُ نشأته على هذه الأرض وحتى يوم بعثه.
والعمارة عند ابن خلدون هي “صناعة البناء” يقول ابن خلدون: هذه الصناعة أول صنائع العمران الحضري وأقدمها في تصميم المباني ليغطي بها الإنسان احتياجات ماديّة كالسكن مثلًا أو معنويّة وذلك باستخدام مواد وأساليب إنشائيّة مناسبة.
والعمارة علم و فن بل تُعدُّ أُم الفنون بل هي الفن الذي لا يمكن تجاهله أو إخفائه.
يُمكن للرّسام أن يرسم لوحة غير جميلة ويمكن للموسيقار أن يلحّن لحن نشاز والشاعر أن يكتب كلامًا سخيفًا، وهكذا كل فنان يمكن أن ينتج فن قبيح فيتركة الناس عند تذوقه و يكون لهم الخيرة في متابعته ام لا. ويمكن ألا يحتكّوا به مجدّداً.
لكن المعماري – والعمارة فن وعلم – عندما يشيّد مبنىً قبيحًا أو غير منسجمًا مع البيئتين التى حوله -البيئة الطبيعية والمباني المجاورة – فإنّه يؤذي كل من يراه من السائرين في الجوار ويؤذي الساكنين فيه حين لا يشعرون بالراحة داخله ويهلك حين لا يصمد امام الزمن فيسقط.
يقول المعماري حسن فتحي ” العمارة ليست ُمجرد مأوى فحسب بل هي تعبير حيّ عن وجدان الإنسان وتحقيق لرغباته في الإنتماء وميله الغريزي إلى التواصل الاجتماعي …. ان علينا ان نتفهم مكان ودور العمارة في حركة تطور الحضارة الإنسانية وأن نعترف بان العمارة تشمل الإنسان والتقنية ”
ولهذا يجب إحسان البناء في ثلاث نقاط:
- قوة البناء وصلابته وتحمله واختبار الأرض وفحص المياه الجوفية، وأن الأساسات على أرض صلبة.
يجب على المعماري، حسب ما جاء في كتاب راسكن Raskin ، أن يكون تصميمه خالداً ومعمّراً. وعلى المجتمع أن يبني مبانيه بكل دقة وتأنّي واهتمام حتى تعمّر لفترة طويلة وتكون بمثابة السجل المعماري الحي للأجيال القادمة.
- الملائمة، بحيث يكون توزيع الغرف مرتبًا ومنتظمًا ولا يتعارض مع الاستعمال، صالحًا للحياة، جيد التهوية ومستقبلاً لنور الشمس يقول هوريشوهجرينوه : أن التصميم هو الترتيب العلمي للفراغات والأشكال لتلائم الوظائف والموقع، وتأكيد لمظاهرها وتدريجها بالنسبة لأهميتها في الوظيفة واختيار ألوان وزخارف ترتب مع القوانين عضوية دقيقة.
- الجمال والانسجام والتناسب مع مقاييس المستخدم وهو الإنسان.
إن الطبيب عندما يخطئ يقتل نفسًا والمعماري حين يخطئ يقتل شعبًا فكما يقول تشرشل Churchill “نحن نشكّل مساكننا ثم تُشكّلُنا مساكننا” فالسكن غير المصمّم جيداً يجعل الإنسان الذي يعيش بداخله متضايقًا و عصبيًا.
عمر سليم