مقالbimarabia-AR-1

إدارة المشاريع الإنشائية وعلاقتها بنمذجة معلومات البناء (BIM)

حسام هشام زكية، [email protected]

مقدمة:

 لابد أن صناعة المشاريع الإنشائية تعلب الدور الأساسي في عصب الاقتصاد للدول، وذلك بشكل ملحوظ في زيادة الناتج المحلي مع استخدامها لعدد كبير من العمالة وتفاعلها مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.

كما أنها من أولى الصناعات (المشاريع الانشائية) التي تتاثر بالكساد أو النمو الاقتصادي نحو تحقيق هدف محدد بفترة محدودة وهي مدة المشروع.

ولا بد لهذه الصناعة الهامة أن تقوم على أساس متين وإدارة عالية لعدم هدر الموارد المالية والبشرية وإستغلال المكاسب بشكل يعود على المجتمع بطريقة مجدية.

لذا سنناقش في هذا المقال كيفية الاستفادة من نمذجة معلومات البناء لإدارة المشروع الإنشائي بطريقة فعالة ومجدية.

كلمات مفتاحية

نمذجة معلومات البناء (BIM): هي إعطاء المعلومات لكامل لعناصر المبنى والاستفادة منها عند النمذجة.

المشاريع الإنشائية: هي صناعة لها عمليات محددة لمباني أو مرافق معينة.

إدارة المشروع الإنشائي: عمليات التخطيط والتنسيق للمشروع من مرحلة البدء بالمشروع وفكرته إلى مرحلة انهاء المشروع.

العرض:

 تعد صناعة المشاريع الإنشائية من أقدم الصناعات التي عرفتها البشرية، وقد ازدهرت هذه الصناعة منذ عقود تاريخية قديمة. وقد ظهر تطوير البنية الأساسية للتصنع على مسرح الأحداث كظاهرة عالمية من خلال الربع الأخير من القرن العشرين حيث اهتمت العديد من الدول بإنشاء المشاريع الانشائية بغرض تحسين الدخل القومي للفرد.

وعلى الرغم من قدم هذه الصناعة فإن التقدم التكنولوجي لهذه الصناعة يعتبر متأخراً نسبياً عن الصناعات الأخرى.

وهو قطاع لا يقل في أهميته عن غيره من الصناعات. وهذا يؤكد حاجتنا وبضرورة نحو استخدام تكنولوجيا متطورة في هذا القطاع يوازي التطور التكنولوجي والمعلوماتي في الصناعات الأخرى، لتمكننا من إدارة هذه الصناعة الإنشائية بشكل يحافظ على الموارد المالية والبشرية، ومما يعكس إيجاباً على تطور جودة هذه الصناعة بإنعكاسات تؤدي الى ثقة شركات المقاولات بالأعمال المنفذة ودراسة حالاتها، وضمان انجاز المشروع بالقيود المحددة من ناحية الوقت والجودة وتحقيق الكفاءة العالية في استغلال الموارد المالية والبشرية لهذا المشروع.

 أما عن الإدارة للمشروع الانشائي فيمكن وصفها بأنها عمليات التخطيط والتنسيق للمشروع من مرحلة البدء بالمشروع وفكرته إلى مرحلة انهاء المشروع متضمننا التجربة بالنيابة عن المستخدم.

كما أنه يجب أن تتوافر الموارد الأساسية اللازمة للعملية الانشائية من مواد وعمالة ومعدات ومقاولين لهدف الانتهاء من تنفيذه في الزمن المحدد وفي حدود الميزانية المقدرة له وحسب المواصفات والمقاييس المطلوبة والمتفق عليها.

ولا يمكننا تحقيق هذه الادارة رفيعة المستوى إلا من خلال امتلاكنا لكامل المعلومات حول المشروع الإنشائي ولكامل أطرافه في أوقات مختلفة من دورة حياته (التصميم والتنفيذ والتشغيل)، وذلك عن طريق ربط أطراف المشروع (مهندس مصمم واستشاري ومقاول)، وتطبيق تقنية نمذجة معلومات البناء (BIM) التي تمكننا من دمج أكثر من تخصص في وقت واحد وحل التعارضات الموجودة بالعناصر للمبنى. حيث أن هذه التقنية (BIM) تتضمن الكثير من المعلومات لدورة حياة المشروع كاملة في تطبيق واحد أو تطبيقات متكاملة (Interoperability).

 وتكمن أهمية تقنية (BIM) عن سابقتها (CAD) Computer Aided Design بتوافر المعلومات حيث أننا أصبحنا في عصر تكمن قوتنا بامتلاكنا للمعلومات. حيث يقارن بيل جيتس –مؤسس شركة مايكروسوفت- عصر المعلومات الذي نعيشه اليوم بالعصور الأخرى حيث يقول في كتابه عصر المستقبل "عندما سمعت تعبير (عصر المعلومات) لأول مرة أصابتني حيرة، كنت أعلم أن هناك عصراً يسمى (بعصر الحديد) وآخر يسمى (عصر البرونز) وهي فترات من التاريخ سميت بأسماء المواد الجديدة التي أعتاد البشر أن يصنعوا منها أدواتهم وأسلحتهم، ثم قرأت الآكادميين يتنبؤون أن البلدان سوف تدخل صراعاً حول السيطيرة على المعلومات".  </i></s></b></u>

ووجود المعلومات بشكل متكامل للمبنى يساعد في تحقيق الإدارة الناجحة لعملية البناء من مراحل عمره فيمكن توفير الوقت والجهد والموارد المالية والبشرية ناهيك عن استخراج مخططات التصميم بمعلوماتها الصحيحة وخالية من الأخطاء بعد عمل التصميم على أحد برامج تقنية (BIM). فتكون العناصر خالية من التعارضات وبالتالي فإننا لا نلجأ إلى تأخير مدة المشروع الزمنية أو مالياً لإصلاح هذا التعارض في بعض العناصر للمبنى، وخلال مرحلة التنفيذ تكون عملية التخطيط للبعد الرابع –البعد الزمني- والبعد الخامس –بعد التكلفة- متوافرين في معلوماتهم أيضاً، ناهيك عن توافر المعلومات للمبنى لمرحلة التشغيل لتمكننا من إدارة مرافق المبنى (Facility Management).

ومع التطور التكنولوجي الهائل والحاصل في عصرنا حالياً فإن دور نمذجة معلومات البناء (BIM) قد بدأ بالظهور بشكل واسع خلال الفترة الأخيرة، وذلك بسبب تطوير برمجيات حديثة وبسيطة الاستخدام مقارنة بالبرمجيات الأخرى لتحقيق متطلبات المستفيدين من تقنية (BIM) ودمج جميع أطراف المشروع من (صاحب العمل والاستشاري والمقاول ومقاول الباطن إن وجد)، ومن المصممين على البرنامج من مختلف اختصصاتهم معماري وإنشائي وميكانيك وكهرباء والأعمال الصحية ايضاً حيث يتم دمجهم وارتباط المعلومات بينهم بالتصميم عن طريق برنامج واحد وأبرز مثال على ذلك في هذا السياق برنامج (Autodesk Revit)، ومن ثم المشاركة في الرؤية والمعلومات لأطراف المشروع على برمجيات اخرى في الوقت ذاته، مثل (Autodesk BIM360).

 وتشير أغلب النتائج الى وجود تأثير إيجابي واضح خلال عملية التصميم والتنفيذ بتقنية (BIM) وذلك بنسبة تتراوح 75%-240% عن التقنيات القديمة (Poiries2015). وفي تقرير ل (Mckinsey)  وجدت إحدى الدراسات أن 75% من الشركات التي اعتمدت على تقنية (BIM) قد حققت عوائد ربحية إيجابية على استثماراتها مع دورات عمرية قصيرة للمشروع ومدخرات على الأعمال الورقية والمكتبية، وبسبب هذه الفوائد فإن العديد من الحكومات أجبرت الشركات الهندسية على الإلتزام بتطبيق تقنية (BIM) مثل بريطانيا وفلندا وسنغافورة والامارات العربية المتحدة.

وإذا أخذنا حالة دراسية للعالم كمثال فاننا نجد بريطانيا التي لها باع طويل في مجال نمذجة معلومات البناء تتجه لها وتحقق نمواَ نحوها.

وذلك في تقرير لمجلة National BIM Report 2018(NBS) فإن حسب استطلاعات ودراسات لشركات في المملكة المتحدة (بريطانيا)، فغن نسبة تطبيق تقنية (BIM) في عامنا الحالي 2018 قد ازدادت 12% عن العام السابق 2017 وهي تعد النسبة الاكبر بالنسبة لسابق سنواتها حيث كانت في 2017 كنسبة نمو 8% عن العام الذي قبلها ايضا.

كما أن نسبة التطبيق الفعلي للتقنية اليوم بلغ لديهم 74% ويوجد هناك 25 % مدركون لأهمية هذه التنقنية وسيطبقونها خلال الثلاث الى خمس سنوات المقبلة (2021-2023)، وبذالك فإن نسبة 1% فهم غير مدركون لأهمية الأمر وفوائده. ربما يعود السبب لعدم طلب العميل لذلك. الشكل 1. (أ) ، (ب)

وإذا تحدثنا عن نسب الاقبال والزيادة على هذه التقنية فإنها ازدادت لديهم بنسبة 20% عن عام 2014 الذي كانت نسبة التطبيق للتقنيه فيه 54%. واليكم نسب الاقبال وتطبيق تقنية (BIM) حسب التقرير المذكور لسبع سنوات سابقة الشكل 1. (ب)

 إن تقنية (BIM)  هي عملية تخيلية لبناء المشروع الإنشائي بكامل تفاصيله عن طريق بناء افتراضي (virtual building)  يتخل المصمم المشروع من المراحل الأولية لفكرة المشروع حتى عملية تشغيله مروراً بمرحلة التنفيذ التي تعتبر أكثر تعقيداً بسبب وجود عدة شركات وأشخاص ذو اتجاهات مختلفة نحو تحقيق الهدف المشترك بينهم وهو بناء المشروع حسب الوقت المخطط له وفي حدود الميزانية المقدرة لذلك وحسب المواصفات والمقايس والشروط المطلوبة.

ولكن من جانبٍ آخر فإن ما يخيف أصحاب المصلحة عامة لإنتقالهم من التقنيات القديمة الى تقنية (BIM) هو قلة الخبرة ونقص المعرفة في هذا المجال، وعدم توافر الأموال لإستثمارهم في تطبيقها، والخوف من عدم إستعادة الكلف لإستثمارهم بالعوائد المالية عليهم، حيث أن كلفة الإستثمار الأولية لتطبيق تقنية (BIM) تعد عالية نسبياَ، لكن بالتأكيد ستضمحل هذه المخاوف وغيرها مع تقدم الزمن في هذا العصر.

الخاتمة:

إن مانريده حقاَ هو إستغلال تقنية (BIM) لرفع كفاءة المشروع الإنشائي وربط أطراف المشروع ببعضهم البعض، والعمل على التنسيق المتكامل والمشترك بينهم، لتقليل طلب المعلومات الناقصة لفهم وتنفيذ المشروع RFI(Request For Information) وأيضاَ حل التضاربات لتفاديها خلال عملية التنفيذ لضمان عدم هدر الوقت المخطط له وعدم تجاوزنا الميزانية المقدرة للمشروع الإنشائي. بيد أن التقنيات القديمة ومن ضمنها (CAD) لم تعد تجدي نفعاَ في المشاريع الكبيرة وحتى الصغيرة منها، وهي أشبه بعمل طواحين الهواء التي لاتثمر نفعاَ ورائها.

References

[1] The National BIM Report 2018


https://www.thenbs.com/knowledge/the-national-bim-report-2018

[2] (Poirier, 2015)


https://www.aproplan.com/blog/quality-management-plan-construction/what-is-bim-what-are-its-benefits-to-the-construction-industry

[3] One study by McKinsey


https://connect.bim360.autodesk.com/benefits-of-bim-in-construction

[4] تكنولوجيا المعلومات في ادارة المشاريع الانشائية، د. فائق سرحان الزويني، د. ابراهيم عبدالله عيدان

[5] رسالة ماجستير بعنوان “استخدام انظمة نمذجة معلومات الأبنية في مشاريع التشييد”، للباحثة لولوه خربوطلي، جامعة حلب