بين-التصميم-والتشغيل

BIM بين التصميم والتشغيل

م. مرام زيدان – مهندسة إنشائية – سوريا

مقدمة:

بإلقاء نظرة على توجهات العمل الهندسي الحالي، نجد أن تقنية BIM تفرض وجودها بقوة، وتتغلغل بهدوء في مكاتب وشركات العمل الناشئة، وتقدم نفسها للمهندسين المستجدين كمنطق عمل واقعي لا بد من تعلمه، لذا عاجلا ستزول الطبقة التي تتخبط بين آلية العمل الدراجة وبين تقنية BIM، وتصبح الساحة كلياً ملعباً واسعاً لهذه التقنية، من هذا المنطلق على كل خبير حالي من بذل جهد مضاعف لتقديم دراسات وإحصاءات حقيقية تساعد الناشئة وتعبد الطريق لهم، وبنفس الوقت يجب الانتباه أن معظم الأبنية الحالية والمدروسة بالطريقة القديمة ستبقى قائمة لعشرات السنوات، ولابد من إيجاد آلية لمتابعتها باستخدام تقنية BIM، من حيث عمليات التشغيل والصيانة على مدى حياة هذه المنشآت.

واقع التطبيق:

في بداية تعرف المؤمنين بهذا النهج، يكون لديهم الكثير من الأحلام، ويأخذ لبهم سحر التصميم الرقمي ونمذجة معلومات البناء، ليتهيأ له أن هذا القطاع سيتيح له مكان فارس في الدروع الرقمية، لذا لابد من صفعة أو فشل أو بعض المحاولات الفاشلة ليتبين له مدى الجهد والصبر المطلوب منه لتبني هذا النهج وإقناع الفرق والشركات العاملة في المجال الهندسي بتبنيه واعتماده، وتحمّل تكلفة التطوير والتدريب الذي يجب أن يشمل عناصر العمل جميعها بدءً من البنية التقنية والعلمية انتهاءً بالبنية النفسية للعاملين، فكما نعرف وكم حدث معنا جميعا، هناك مقاومة كبيرة من المحيط عند فرض أي جديد، والأسباب عديدة.

لابد من إيصال المعنى الجوهري لهذه التقنية،التي يظهرفيها بعد التكامل والثقة والأمانة بأهمية البعد المعرفي والتقني، وهذا ما يمكن أن يكون عائقا أساسيا في التطبيق، بالإضافة إلى البعد الربحي ، إذ لا يمكن أن تقحم المجتمع في عمل لا جدوى مادية منه.

M.jpg

من وجهة نظر ربحية:

في عالم العقارات التجارية من المهم معرف كمية الأموال التي يتم إنفاقها بعناية خلال فترة تشغيل المبنى، وما تكلفه عمليات الصيانة خلال فترة حياة المبنى، وماهي محصلة عائدات الاستثمار للمالك.

الآن لابد من تقديم دراسة لأي مستثمر، تبين له الجدوى الاقتصادية من استخدام التقنية التي يُروج لها ويتم تقديمها كبديل عن الواقع، يبدو هذا مربكا في البداية، لكن كمية المعطيات التي يوفرها نموذج BIM للمستثمر خلال فترة حياة المبنى كانت نقطة اتفق عليها المستثمرون، حيث أجمعوا على أن البيانات الأفضل ستؤدي إلى قرار تشغيلي أفضل، ويعطي إمكانية لتقييمات سليمة، ويمكن أن تختصر مخاوف المستثمرين من تطبيق هذه المنهجية في النقاط الخمسة التالية:

  • اتخاذ BIM كظاهرة والابتعاد عن الفكرة:

من الرائج تعدي الكثير من الوصوليين على المصطلح لترويج أعمالهم التي يمكن أن تفتقد لجوهر BIM، صحيح أنه يوفر قيادة غير مسبوقة للنمذجة ثلاثية الأبعاد من خلال نمذجة كل عناصر المشروع مهما اختلفت التخصصات، لكن هذا ليس كل شيء، من المهم أي يكون هناك دراية بآلية عمل تقوم على تحميل كل العناصر بيانات دقيقة ووافية وهذا يتطلب تعاون وعقلية تنظيمية واعية ومدركة لجدوى هذا التنظيم، ومن أول شروط التفاعل مع BIM لا بد من معرفة وإدراك للرموز ، وهنا بعض الرموز التي تدل المستخدم على بعض البيانات والعمليات الأساسية في نمذجة معلومات البناء:

(المعلومات الأساسية على المستوى التنظيمي)

نقل OIR إلى مقاولين خارجيين محددين لمشروعات معينة أو فريق عمل أو ورشة، مع تحديد المعلومات الأساسية المطلوبة على المستوى التنظيمي

يحدد المعلومات التي سيتم تسليمها، ومعايير البناء

المصدر الوحيد للمعلومات الاساسية ، عند طلب مستوى لدعم نظام إدارة المعلومات الأساسية الخاصة بالمؤسسة

المصدر الوحيد للمعلومات الأساسية التي يتم تطويرها خلال مرحلة التصميم والبناء الخاصة بالمشروع

الشكل (1)

مخطط يوضح تسلسل مجموعة من العمليات

  • سلس أم معقد:

لا بد من أن يتلقى رواد البيم في هذه المرحلة الانتقالية الكثير من الصدمات والمعوقات، لذا يجب الحفاظ على الجاهزية الكاملة لحل المشكلات وإيجاد آلية تواصل سلسة للحلقات المحيطة التي لم تنتقل كليا إلى هذه التقنية.

مثلا عندما يقدم المصمم نموذج ثلاثي أبعاد لحلقة متابعة، ما هي ردود الفعل من أفراد هذه الحلقة؟

قد يبدو الانبهار الأولي بمظهر العمل مثيراً للتشجيع، لكن عند الانتقال للواقع، يتساءل الأفراد عن آلية الاستفادة من هذا النموذج، ومدى انعكاسه على تسهيل أعمالهم، بدلا من تعقيدها.

لذا لابد من تقديم دليل استخدام، أو تخصيص جزء من وقت العمل لخلق لغة تواصل سهلة وبسيطة مع هذه الحلقات.

تجربة خاصة:

في إحدى المشاريع التي قدمناها باستخدام هذه التقنية، تردد المهندس المنفذ على مكتب الدراسة للسؤال عن كثير من التفاصيل وآلية قراءتها من المخطط، لكن بعد أن قدمنا نموذج ثلاثي أبعاد DWF(Autodesk design review)، يسمح له بقراءة كل عنصر بالمنشأ وكل فضيب فولاذ تسليح ومعرفة مواصفاتة التفصيلية، تمكن من حل كل مشاكله بنفسه، وشعر بالسعادة لأن هذا النموذج سهل عليه تخيل كل تفصيلة وزاوية من المنشأ مهما بلغت درجة تعقيدها.

يبين الشكل(2) لقطة من منشأ تم النقر فيها على قضيب فولاذ تسليح لتظهر مواصفاته بالكامل على القائمة اليمنى

dddd.PNG

الشكل (2) لقطة توضيحية DWF

  • صراع الأجيال:

منذ بداية طرح هذه التقنية كبديل أو كشريك في العمل الهندسي، تتردد عبارات المقاومة الأولى والأقوى من المتقدمين في السن، منهم من يصف التقنية بأنها موضة طارئة وستذهب، ومنهم من شعر بمدى تعقيد الأمور فيما كانت تبدو أبسط وأقل تعقيد.

لا بد أن نلتمس لهم العذر ولا ننتظر الكثير من الدعم في البداية، ليس من الحكمة أن يهدر المتقدم في السن سنوات الخبرة الطويلة لديه، ويتركها ليتعلم تقنية جديدة، قد تكون صعبة عليه، فالتعلم التقني خاصة، يكون أسهل على العقول الشابة،لذا يجب ألا تفرض هذه التقنية عليهم، وإنما يجب احتواءهم ضمنها، والاستفادة من خبراتهم المعرفية إلى أقصاها، والتوجه إلى العقول الشابة بقوة.

  • زر البدء:

ليس من السهل على الأفراد البدء ببساطة بصناعة نموذج BIM ، إذ تراودهم الكثير من مخاوف الفشل ونقص المعلومات، أو البدء وعدم القدرة على الاستمرار، في ظل الضوابط الكثيرة التي تحكم كل مشروع من كلفة وعقود ومواعيد تسليم، فلا وقت كاف للفشل والإعادة، على الرغم من وجود مجموعة من الوثائق الجيدة التي يمكن أن تساعد المستخدم وتقدم توضيحات وافية له، لكن هذا لا يزال غير كاف، لابد من إيجاد طرق تساعد الأفراد للانتقال بطريقة سلسة.

  • المصمم مقابل المشغل:

اختلاف متبادل في وجهات النظر بين التصميم والتشغيل يظل قائماً، طالما أن كلا من المصمم والمشغل يفكر بشكل منفرد، يأتي BIM ليساعد كل منهما في الولوج إلى عقلية الآخر، ورغم ذلك فإن من عادة المصمم أن يترك بعض الأمور غير الواضحة للمشغل،

في كثير من الأحيان هناك من يعرّف هذه التقنية على أنها الإدارة الجيدة للمعلومات، وينأى بها قليلاً عن النمذجة ثلاثية الأبعاد، وهذا المنطق هو ما يناسب المشغل، لذا بقدر ما يقوم المستخدمون بإعطاء المعلومات المدخلة على النموذج أهمية ودقة و موثوقية بقدر ما ينخفض التعارض بين عمليتي التصميم والتشغيل

ليكون التشغيل ناجحا هناك عدة نقاط لابد من الإضاءة عليها:

  1. ما هي المعلومات الأساسية اللازمة لتشغيل أي مبنى، وهنا نذكر مجموعة الوثائق Asset information Requirements (AIR) والتي تقوم بسرد هذه المعلومات التي من واجب المستخدم تطويرها وإغناءها مع الوقت والخبرة للحصول على قائمة شاملة مع الوقت.
  2. قد لا يكون النموذج الذي بين لديك نموذج Revitوإنما جدول بيانات Excel يحتوي على قائمة من المعلومات الأساسية Assets ، لذا لا بد من السعي لتقديم نموذج مرئي يحمل المعلومات الواردة على القائمة لتعزيز عملية الاتصال بين الشكل المرئي والمعلومات وللحصول على تشغيل ناجح للمنشأ.
  3. آلية تخزين البيانات ومحاكاتها على النموذج بأسلوب وافر ومنظم وفق مستويات جيدة تسمح بسهولة الوصول إليها ونقلها إلى منصة أخرى دون ضياع البيانات في حال تغيرت استراتيجية العمل لسبب ما، وهذا ما يسمى بادخار الجهد وتدويره مهما بلغت التعديلات اثناء عملية التشغيل والتصميم.

هل يقدم برنامج واحد من البرامج كل شيء؟ هل يحتوي النظام الذي يحفظ البيانات علىAPI(Application programming interference)، الذي يسمح باستخدام البيانات على برنامج آخر؟

إذا إمكانية نقل وتحديث البيانات مطلب حيوي للغاية للحفاظ على البيانات الحالية.

و الخلاصة إذا كنت تريد تنفيذ BIM للتشغيل يجب أن نأخذ الأمور التالية بعين الاعتبار كحد أدنى:

  • ما الذي تريد معرفته لتشغيل المبنى
  • من الذي سيقوم بالوصول إلى المعلومات وتحديثها وماهي الطريقة الأكثر استخداماً لذلك
  • كيف سيتم تخزين البيانات وكيف سيتم التحرك بين منصات البرامج
  • إذا لم يكن لديك الخبرة فيما ذكر ، اطلب المساعد من المتخصصين في هذا المجال

المراجع:

https://www.autodesk.com